الخميس، 16 أكتوبر 2025

رحلة فيزيائي فرنسي من هندسة الاتصالات إلى جائزة نوبل

من هندسة الاتصالات إلى جائزة نوبل

 رحلة فيزيائي فرنسي من هندسة الاتصالات إلى جائزة نوبل

ميشيل هنري ديفوريت الفيزيائي الفرنسي الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 إلى جانب البريطاني جون كلارك والأميركي جون مارتينيس يعد من أبرز العقول التي أسهمت في نقل ميكانيكا الكم من العالم المجهري إلى نطاق يمكن رؤيته ولمسه.وجاء فوزهم تقديراً لاكتشافهم ظاهرة النفق الكمي الماكروسكوبي وتكميم الطاقة في الدوائر الكهربائية وهو إنجاز يمثّل نقطة تحوّل في فيزياء المادة المكثفة ومهد الطريق أمام تطور الحوسبة الكمية.

ولد ديفوريت في باريس عام 1953 وتخرج مهندساً في الاتصالات من مدرسة تيليكوم باريس عام 1975 قبل أن يتجه إلى دراسة الفيزياء بعمق محققاً دبلوم الدراسات العليا في البصريات الكمية من جامعة أورساي ثم درجة الدكتوراه في فيزياء المادة المكثفة عام 1982 من المركز الفرنسي للطاقة الذرية تحت إشراف الفيزيائي الشهير أناتول أبروجام.

منذ بداياته أظهر ديفوريت قدرة لافتة على الجمع بين الحس الهندسي والخيال الفيزيائي وهي الصيغة التي قادته لاحقاً إلى اكتشافات غير مسبوقة فبعد حصوله على الدكتوراه انضم ديفوريت إلى مجموعة جون كلارك في جامعة كاليفورنيا بيركلي كباحث ما بعد الدكتوراه بين عامي 1982 و1984 حيث التقى جون مارتينيس طالب الدكتوراه الشاب آنذاك لتنشأ بينهم علاقة علمية استثنائية أثمرت لاحقاً عن التجارب الأولى التي أظهرت المستويات الكمية في وصلة جوزيفسون فائقة التوصيل وهي أول برهان عملي على أن الظواهر الكمية يمكن أن تمتد إلى أنظمة كهربائية ماكروسكوبية أي يمكن ملاحظتها على نطاق أكبر من الذرات.

واصل ديفوريت مسيرته بين أوروبا والولايات المتحدة متنقلاً بين مؤسسات علمية مرموقة مثل كوليج دو فرانس وجامعة ييل وجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا حيث شغل منصب أستاذ الفيزياء إلى جانب عمله حالياً في منصب كبير العلماء بقسم العتاد الكمي لدى جوجل كوانتوم AI ويعرف تخصصه الدقيق اليوم باسم الكمترونيات وهو مجال يدرس السلوك الكمي في الدوائر الإلكترونية وكيف يمكن استغلاله في بناء الحواسيب الكمية وأجهزة الاستشعار فائقة الحساسية.

بينما يرى البعض أن العوالم الكمية تظل غامضة وبعيدة عن الواقع أثبت ديفوريت وزملاؤه أنها يمكن أن تصاغ في دائرة كهربائية وتقاس بل وتستغل لبناء تقنيات المستقبل يمثل ميشيل ديفوريت نموذجاً للعالم الذي مزج الصبر بالحدس والتجريب بالحلم وفي زمنٍ يسعى فيه الفيزيائيون إلى تسخير ميكانيكا الكم في كل شيء من الاتصالات إلى الحوسبة، يقف ديفوريت كأحد الذين جعلوا هذا الحلم يبدو ممكناً وأثبت أن حتى أكثر الظواهر غموضاً يمكن أن تجد طريقها إلى المعمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق