الثلاثاء، 8 أبريل 2025

غزة.. المدينة التي تذوّقت كل ألوان الموت

تواصل غزة سرد حكاية ألمها الطويل



غزة.. المدينة التي تذوّقت كل ألوان الموت


من تحت الركام، ومن بين لهب الصواريخ، ومن بين أنين الجوعى والمُهجّرين حكاية لم تترك شكلاً من أشكال الموت إلا وتوشّحت به في قطاع غزة، الموت ليس حدثًا طارئًا، بل هو رفيق يومي... هنا يموت الناس حرقًا تحت نيران الصواريخ، وجوعًا في طوابير الإغاثة، وبردًا في خيام اللجوء، وتحت عجلات الجرافات، وعلى أرصفة الانتظار لا لغة تحتمل كل هذا، ولا استعارة تُخفف هول ما يجري فغزة التي لم تتوقف عن النزف، تبتلعها النيران كل يوم والعالم يغطّ في سبات ثقيل.


في خان يونس، أمام مجمع ناصر الطبي، اشتعلت خيمة الصحفيين إثر قصف استهدفهم مباشرة، بينما كانوا يوثقون ما تبقّى من الحقيقة. أجسادهم ذابت أمام الكاميرات، واختلط لهيب النار بأقلامهم ودفاترهم... فلم يتبقَّ إلا الرماد، وشاشات تنقل الصورة دون صوت، ودون استجابة وفي مدرسة دار الأرقم بمدينة غزة، تحولت أجساد الشهداء إلى أشلاء متطايرة، إثر قصف دمر المدرسة بالكامل، لدرجة أن ستة شهداء لم يُعثر لهم على أثر. كأنما التهمهم اللهب وابتلعتهم الأرض، وسط صمت عالمي يخلو من أي صدى إنساني.


وفي رفح وخان يونس ومخيمات النزوح في شمال القطاع ووسطه، تكررت المشاهد ذاتها: أجساد مشوية، رائحة الموت تفوح من بين الخيام، جثث ممددة على الأرصفة، وقلوب محطمة تُركت وحدها في مواجهة النار والمصير المجهول مجزرة أخرى ارتكبتها الطائرات في شارع رقم 5 بخان يونس، عندما استُهدفت "تكية طعام" كان يقف فيها الجوعى في طوابير الإذلال، فتناثرت أشلاؤهم في الشارع، وماتوا ونداءاتهم لم تتجاوز جدران الصمت أحدهم، 


الشهيد محمود الكريمي، كتب قبل استشهاده بيوم: "عاجبك منظري وأنا واقف ع طابور التكية وراسي بالأرض خجلان ومذلول مشان آخذ أكل ما يقبل فيه الحيوانات حتى". كلمات بحجم الكون تختصر المأساة وفي شارع الميكانيكية، سُجلت واحدة من أكثر الضربات دموية، حين قُصفت عائلة النفار، واحترق النساء والأطفال في منازلهم، أجسادهم تفحمت وتطايرت مع الدخان، ولم يعد بالإمكان التعرف إليهم.

0 Comments: