الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطاقة البديلة المتجددة في فلسطين

الطاقة البديلة المتجددة

تعاني فلسطين من شُـحٍ في الموارد الطبيعية والثروات المعدنية؛ ولكن معاناة الفلسطينيين الأشد تكمن في ندرة مصادر الطاقة التقليدية، كالنفط والغاز، ومن ارتفاع أسعارها بما يوازي أغلى مدن العالم؛ وعلاوةً على ذلك، تتحكم السلطات الإسرائيلية بكمية المحروقات وأسعارها، ومتى يُسمح بدخولها، ومتى تُمنع. 

ومن وحي هذه المعاناة وبسببها، يسعى الفلسطينيون لتجاوز هذه المعضلة بإيجاد مصادر بديلة عن الوقود التقليدي.  وقد وجدوا ضالتهم – كما هو شأن العالم المتحضر – في مصادر الطاقة البديلة المتجددة، والتي يأملون من خلالها تقليل معدل اعتمادهم على المحروقات الإسرائيلية التي باتت في الآونة الأخيرة سيفًا مسلطًا على رقابهم، وأداة من أدوات الضغط والابتزاز السياسي.  وأوضح مثال على ذلك أزمة المحروقات التي عانى منها قطاع غزة في منتصف عام 2013، والتي انعكست سلبيا على حياة الناس، وبشكل خاص على قطاعي الصحة والمواصلات، حتى أصبحت غزة كأنها تعيش خارج العصر، باستخدامها الأساليب البدائية في التنقل والإنارة.

ولا شك أن التوجه الفلسطيني في الاعتماد أكثر على مصادر الطاقة المتجددة، يأتي منسجمًا ومتماشيًا مع التوجهات العالمية المتزايدة لاستغلال مصادر الطاقة البديلة، أن التوجه في فلسطين يتركز نحو طاقة الشمس والرياح والحرارة الجوفية للأرض؛ وذلك لعدم وجود مساقط مائية في فلسطين.  والاتجاه العالمي يزداد يوما بعد يوم؛ وذلك بعد تفاقم الأضرار الكبيرة الناجمة من مصادر الوقود الأحفوري ومخاطرها الواضحة على صحة الإنسان والبيئة على حد سواء.

والتي نرى أبرز تجلياتها من خلال ظاهرة الإحتباس الحراري، وتقلبات المناخ، واتساع ثقب الأوزون، وتساقط الأمطار الحمضية في أكثر من منطقة، بالإضافة إلى تلويث البحار المتكرر من جراء تسرب النفط إليها في حوادث عدة، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري واحتمالية نفاذه باعتباره من المصادر غير المتجددة؛ وقبل هذا وبعده، مخاطر الأمراض المختلفة، التي تسببها الغازات السامة والضارة الصادرة عن احتراق الوقود.

وقد نجح الفلسطينيون إلى حد ما باستغلال الطاقة الشمسية، وبشكل خاص في الحصول على المياه الساخنة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وبات السخان الشمسي مكون اساسي في كل بيت فلسطيني، لكن توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بقيت تجربته محدودة ومرتبطة بمسائل بحثية او بنشاطات الهيئات المانحة لمساعدة سكان المناطق المحرومة، وهناك محاولات أولية في استغلال طاقة الرياح، وأيضا طاقة الأرض الجوفية.  وما زالت كل هذه التطبيقات في الطور الجنيني، ولكنها تعد بالكثير. 

والسلطة الوطنية الفلسطينية تدعم كل المبادرات والمحاولات الفردية والجماعية في هذا الاتجاه، ولكن الطريق ما زال في بدايته؛ فقد أدركت أهمية البحث عن مصادر للطاقة البديلة، خاصة إذا عرفنا أن فلسطين تقع على بعد 30 درجة شمال خط الاستواء؛ ما يعني أن الطاقة الشمسية التي تسقط على كل متر مربع فيها تقدر بثلاثة آلاف كيلو واط/ساعة، وهى نسبة عالية جداً بالمفهوم الايجابي، كما تتمتع فلسطين بما يزيد عن 300 يوم مشمس في السنة؛ الأمر الذي يجعلها من أفضل المناطق في استغلال الطاقة الشمسية، ويجعل الاستثمار في هذا الجانب ممكنا؛ بل وذو جدوى اقتصادية؛ 

لذلك فقد أعدت السلطة الوطنية الفلسطينية المخططات والدراسات لزيادة الاعتماد على الطاقة البديلة لتصل إلى 10 % خلال السنوات العشرة القادمة؛ بينما يخطط الاتحاد الأوروبي مثلا، لتصل هذه النسبة إلى 20 %.  ومن بين أكبر المشاريع سيكون بناء محطة كبرى للطاقة الشمسية في منطقة الأغوار، لتزويد المنطقة بنسبة كبيرة من التيار الكهربائي، والمشروع متوقف حاليًا لأسباب عديدة، يأتي الاحتلال على رأسها، وكذلك  منع الاحتلال  الاستفادة من حقل الغاز المكتشف قبالة شواطئ غزة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق