كان يا مكان في غزة عن سؤال من هو الشهيد؟
خلال عشر
سنوات أنجز الأخوين ناصر طرزان وعرب ثلاثة مغامرات سينمائية ميزت أسلوبهما ووضعتهما ضمن أبرز الأسماء التي تشكل الجيل الجديد من صانعي السينما الفلسطينية إذا جاز التعبير بداية من دجراديه الذي عرض ضمن تظاهرة
أسبوع النقاد في مهرجان كان عام 2015 مروراً بغزة مونامور (فينسيا
2020) وصولا إلى كان يا ما كان في غزة (نظرة ما- كان 2025) تراكمت
ملامح الأسلوبية التي صارت بصمة دامغة لأفلامهم ليس فقط على مستوى تعاطيهم مع
السينما كأداة للسخرية النضالية بل حتى على مستوى مساحات الجرأة التعبيرية التي
يكتسبونها تجربة بعد أخرى فيما يتعلق بنظرتهم للقضية الفلسطينية نفسها أو للجانب
الذي ينعكس عليهم من تلك القضية الضخمة المتشعبة والمعقدة تاريخياً وسياسياً
وأيديولوجيا.
وفي عرضه
الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا انضم كان يا ما كان في غزة إلى
قائمة الأفلام المشاركة في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في
دورته السادسة والأربعين بعد ان شهد فيلم الأخوين السابق غزة مونامور نفس العرض
الأول في المنطقة بالمهرجان قبل خمس سنوات وهو ما يجعل مهرجان القاهرة المنصة
الإقليمية الأبرز لانطلاق عروض أفلام الأخوين بكل جرائتها ومحاولتها الاصطدام
الساخر مع بعض السرديات التي تحكم واقع القضية على أرض غزة تحديدا.
منذ فيلم
الأول دجراديه اللذان خاضا فيه تجربة الموقع الواحد للأحداث والفضاء
الدرامي المحدد يمثل حجر زاوية بالنسبة لبنية الحكاية أو الحكايات التي يقصها
الأخوين في دجراديه كان الكوافير أو
صالون الحلاقة النسائي هو التكأة المكانية التي تجمع فيها نسوة المدينة من أجل أن
يطلقن قصصهن بعيدا عن الواقع الذي تحكمه الشوارب واللحى وصيحات المقاومة والموت.
وبالمزج بين
الفنون المختلفة والواقع العبثي جانب واضح في البناء الدرامي لدى الأخوين في
دجراديه كانت الأغاني التي نسمعها في خلفية الصالون أو التي تدندن بها صاحبته ذات
الشخصية الفذة بل أن الفيلم كله يبدو أقرب لمحاكاة ساخرة لتيمة الحصار في بين السماء والأرض التي أطلقتها السينما المصرية قبل عقود.

0 Comments: