في ظاهر الأمر، عززت المساعدات ذات الدوافع السياسية للأراضي الفلسطينية المحتلة "التنمية" و"إعادة الاعمار"، لكنها في حقيقة الأمر دعمت وبشكل غير مباشر سياسات الاحتلال الإسرائيلي وأدت إلى تراجع التنمية الفلسطينية. فكانت النتيجة زيادة مطّردة في معدلات الفقر لدى الفلسطينيين، واستمرار إسرائيل في مصادرة الأراضي والموارد الفلسطينية، واستمرار الحصار على غزة. هكذا أصبح الفلسطينيون اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى تغيير جذري في منهج التنمية.
شاملة ناشئة أن ينجح في السياق الفلسطيني. فقد قدم نهج التنمية وإعادة الإعمارعن طريق إتباع شبكات المشاريع المحلية المستدامة (SLENs) مساهمات واعدة للمجتمعات المحلية المتأثرة بالحرب في لبنان، وتجرى حاليا تجربتها في جميع أنحاء السودان وكذلك فيما بين اللاجئين الفلسطينيين. وفيما يلي يقدم مستشار "الشبكة" سامر عبد النور تحليلاً للعثرات التي تجابهها التنمية الفلسطينية بسبب اتفاق أوسلو، ومحاولات المانحين الضالّة تعزيز تطور القطاع الخاص، والفرص الواعدة التي تتيحها شبكات المشاريع المحلية المستدامة .(SLENs)
منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1967، تطور نكوص التنمية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية على مسار يتماشى مع المصالح الاقتصادية والسياسية الإسرائيلية (Roy 1995,1999). وقد استمرت هذه العملية بل وساءت بعد اتفاقات أوسلو في التسعينات. فقد تمأسس اختلال ميزان القوى الاقتصادي بين الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة المفاوضات من خلال بروتوكول باريس الاقتصادي لعام 1994، الذي وقّعته منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، فقد أبقى هذا البرتوكول على تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي وتكامله معه، وحرم الفلسطينيين من فرص السيادة وتطوير حدود اقتصاد خاص بهم.
كما أعطى البروتوكول إسرائيل السيطرة الكاملة على تحصيل الضرائب وتحويل عائداتها والرسوم وسائر الجبايات الأخرى إلى السلطة الفلسطينية؛ واحتفظت إسرائيل بالسيطرة على حركة مرور التجارة الفلسطينية الإقليمية والدولية، وسمحت باقتصاد فلسطيني مفتوح دون فرض أية قيود على الملكية الأجنبية أو نقل الأرباح الصافية. ولأن إسرائيل جعلت قبول البروتوكول شرطاً لاستمرارها بالسماح للفلسطينيين بالعمل في إسرائيل، لم يكن أمام منظمة التحرير الفلسطينية من خيار سوى القبول به.
لقد أكد اتفاق أوسلو على استخدام التمويل الدولي لتطوير الاقتصاد الفلسطيني. لكن هذا التمويل يعطى للفلسطينيين دون ممارسة أي ضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها أو لإزالة العوائق الهيكلية التي تؤدي إلى تراجع التنمية الاقتصادية والسياسية. ويملك المانحون الدوليون نفوذاً كبيراً على السلطة الفلسطينية من خلال هياكل المساعدات الرسمية واللجان التوجيهية ومجموعات العمل المتعددة. والنتيجة هي دبلوماسية "دفتر الشيكات".
تقوم المعونة الدولية من خلالها وبشكل غير مباشر بدعم مصادرة الأراضي الفلسطينية والحصار المفروض على غزة، في الوقت الذي تحد فيه وبشكل جذري من سيادة السلطة الفلسطينية. والحقيقة هي أنها ليست لدى السلطة الفلسطينية مصدر دخل مستقل، ذلك أن ثلثي ميزانيتها يأتي من عائدات الضرائب التي يحصلها الجانب الإسرائيلي، أما الثلث الآخر فتقدمه المساعدات الأجنبية
0 Comments: